يتناول هذا المقال تأثير تعريض ثمار الزيتون للشمس بعد قطفها على محتواها من الزيت وجودته، ويوضح الحقائق العلمية حول الممارسة الشائعة بين بعض المزارعين.
زيتون مقطوف حديثا - الصورة : للمؤلف
مقدمة
يلجأ بعض المزارعين في عدد من المناطق إلى تعريض ثمار الزيتون لأشعة الشمس المباشرة بعد قطفها بهدف زيادة نسبة الزيت المستخلص منها وهي ممارسة تقليدية تثير الجدل بين الباحثين والمزارعين نظرا لتأثيرها المباشر على جودة الزيت وخواصه الكيميائية والفيزيائية ولتوضيح الصورة العلمية حول هذه العملية نقدم هذا المقال التفصيلي
فقدان الرطوبة وتأثيره على النسبة الظاهرة للزيت
عند تعريض ثمار الزيتون لأشعة الشمس لفترة تتراوح من عدة أيام إلى أسبوعين تبدأ الثمار بفقدان محتواها المائي تدريجيا مما يؤدي إلى تقلص حجمها وتجعد قشرتها وتكرمشها هذا النقص في الماء يرفع النسبة الظاهرة للزيت ضمن كتلة الثمرة لكنها ليست زيادة حقيقية في كمية الزيت بل مجرد تغير نسبي ناتج عن فقدان مكونات أخرى أهمها الماء لذا فإن كميات الزيت تبقى شبه ثابتة بينما تتغير النسبة الظاهرية فقط
استمرار نضج الثمرة بعد القطف
تتميز ثمار الزيتون بأنها من النوع الذي يواصل النضوج حتى بعد فصله عن الشجرة لكن هذا النضج يكون بطيئا نسبيا وفي هذه المرحلة تبدأ بعض العمليات الكيميائية داخل اللب مثل تحلل جدران الخلايا مما يؤدي إلى طراوة الثمرة وزيادة مرونتها وهو ما يُسهم في تحسين كفاءة عملية العصر لاحقا لكنه أيضا يجعل الثمرة أكثر عرضة للتلف السريع إذا لم تُخزن في ظروف مناسبة
أثر الطراوة على كفاءة العصر
عندما تصبح الثمار أكثر طراوة نتيجة تعريضها لأشعة الشمس فإن زمن العجن داخل المعصرة يقل وتزداد كفاءة استخراج الزيت حيث يسهل تكسير الخلايا الزيتية لكن هذه الطراوة لا تعني بالضرورة تحسن جودة الزيت بل العكس صحيح فكلما طالت فترة تعريض الزيتون للحرارة والضوء كلما ازدادت عمليات التأكسد وارتفعت نسبة الحموضة وهي عوامل تؤدي إلى انخفاض الجودة بشكل كبير جدا
جودة الزيت وتدهورها بسبب التأكسد
الزيوت النباتية ومنها زيت الزيتون تتأثر بشكل مباشر بالأكسدة التي تحدث نتيجة تعرضها للحرارة والضوء لفترات طويلة وعندما تتعرض الثمار لأشعة الشمس بعد القطف تبدأ بعض مكونات الزيت بالتفكك خاصة الأحماض الدهنية غير المشبعة مما يرفع نسبة الحموضة ويؤثر سلبا على الطعم والرائحة والقيمة الغذائية وفي بعض الحالات قد يتغير لون الزيت وتتكون مركبات ضارة بالصحة
الاعتبارات الاقتصادية وتأثير الوزن
في بعض المعاصر يُحسب أجر العصر بحسب وزن الثمار المدخلة وفي هذه الحالة يعتبر بعض المزارعين أن فقدان الرطوبة وتقلص وزن الثمار هو ربح اقتصادي لأنه يقلل الكمية التي تُحتسب عليها الأجور لكن في الواقع هذا التوفير يأتي على حساب الجودة النهائية للزيت الذي يكون أقل في القيمة السوقية وقد لا يصلح للتخزين طويل الأمد أو الاستهلاك الفاخر
خلاصة علمية
تعريض ثمار الزيتون لأشعة الشمس بعد القطف لا يزيد من كمية الزيت الفعلية بل يؤدي إلى فقدان الرطوبة وبالتالي ارتفاع النسبة الظاهرية فقط لكنه في المقابل يتسبب في تدهور واضح في جودة الزيت من حيث الطعم والرائحة والقيمة الصحية بسبب الأكسدة وارتفاع الحموضة لذلك فإن هذه الممارسة رغم أنها قد تكون اقتصادية في بعض السياقات إلا أنها تُعتبر مضرة من الناحية النوعية والإنتاجية على المدى البعيد
إعداد المقال: فريق "خليها تخضر"
شكرًا لقراءتك هذا المقال ونتمنى لك زراعة ناجحة ومثمرة
لا تنسى متابعة مدونتنا قسم ( زراعة الزيتون ) لمزيد من المعلومات الزراعية المفيدة بهذا الخصوص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق